إنّ دور المؤسسة الاعلامية لا يقل قيمة عن دور المؤسسة التربوية في التنشئة الاجتماعية للفرد، إلى جانب المؤسسة العائلية، والتي تعد أول مؤسسة يتعامل معها الطفل من مؤسسات المجتمع، اذ أنّها البيئة الثقافية التي يكتسب منها لغته وقيمه، بالإضافة إلى أنها تؤثر في تكوينه الجسمي والنفسي والاجتماعي والعقائدي، كما أنّ العائلة مسؤولة عن توفير الامن والطمأنينة للطفل، وتنشئته تنشئة ثقافية تتلاءم مع مجتمعه وتحقق له التكيف الاجتماعي.
ولوسائل الاعلام أهمية كبيرة في الحياة اليومية، ولها دور فعّال في بناء مجتمع متحضر مبني على أسس علمية، ويبرز خبراء الاجتماع أهمية الاعلام في التأثير على المعرفة والتطور في المجتمع، بل وحتى على استمراره وديمومته.
وقد تطورت أدوات التواصل الجماهيرية بين الطفل والعالم الخارجي بصورة كبيرة في السنوات الاخيرة، لدرجة أن نجد بعض الاطفال لا يعرفون الشارع، ولا يتفاعلون مع المدرسة، ولا يخالطون أسرهم وأهم مادتهم المعرفية وثقافتهم الشخصية مصدرها وسائل الاعلام، ولذلك يمكن تصنيف وسائل الاعلام بأنها المؤثر الاول والاقوى على الطفل في عصرنا الحالي.
وتكمن مشكلة التلقي من خلال هذه الوسائل في أن المشاهد غير قادر على مراجعة ما يستقبله من برامج، فهو يشاهد البرنامج تلو الآخر، فتنساب الغايات والمفاهيم إلى اللاوعي من دون محاكمة، وهذا ينطبق على المشاهد الكبير والواعي، فما بالكم بالطفل؟!
ويتمثل أسوأ سلبيات وسائل الاعلام على الطفل في صناعة قدوات غير ما نطمح إليه في تربية أبناءنا على العلم والمعرفة والإنجاز الحضاري للمجتمع، ومن تلك القدوات التي تُصنع لأطفالنا مثل: نجوم الفن والغناء والرياضة.
وما نهدف إليه هو حماية أبناءنا من جلّ المخاطر الظاهرة والباطنة التي تتسبب فيها وسائل الاعلام، ونحمل مسؤولية أبنائنا التي تخلينا عنها، وكاقتراح يمكن تطبيقه هو أن نعيش أسبوعا واحدا مع برامج الاطفال، نحاول من خلال ذلك تحليلها وتنبيه أطفالنا للأمور الخاطئة من الصحيحة.
إنّ واقع إعلام الطفل العربي ليس على المستوى الذي يمكنه من القيام بدوره في تربية وإعداد الطفل العربي، وتثقيفه، وإن خطورة التقصير في وسائل الاعلام العربية تجاه الطفل العربي تكمن في أنها تفتح الباب أمام وسائل الاعلام والثقافة الغربية التي تغزو مجال إعلام الطفل العربي، مما يكون له أسوأ الاثر في تشكيل شخصية الاطفال العرب وقيمهم وعقيدتهم.
تحت المصدر